فى ظل الأزمه الراهنة بين الإدارة الأمريكية والمجلس العسكري حول ما يسمى إعلاميا بقضية "التمويل الأجنبي" قفزت إلى عقلي سريعا مشهد وزير الإعلام العراقي أبان الحرب الأمريكية البريطانية على العراق وقبيل سقوط بغداد كان يخرج ذاك الرجل موجها خطابة إلى الجيش الأمريكي واصفا إياهم "بالعلوج" ويتوعدهم بكثير من الألم والكوارث التي سوف تلحق بهم إن أصروا على دخول بغداد، وسقطت بغداد وخرج الصحاف فى حماية الأمريكان العلوج إلى مقر إقامته الدائمة ببريطانيا، نفس المشهد كان أكثر قوة وصرامه حين قامت قوات الشرطة العسكرية بمصر بقيادة الجنيرال "حمدي بدين " قائد الشرطة العسكرية بإقتحام مقرات المنظمات الحقوقية الأمريكية والمصرية على حد سواء وكأنه الفتح المبين لبلاد الفرنجه والخوارج وأصبح الإعلام الموجه ينفخ فى بوق الوطنية المعزولة ويضق نواقيس فارغة المضمون والمعنى محملا تلك المنظمات العميلة التي تجلب الأموال من الخارج لإفساد الحياة والبنية التحتية للمجتمع المدني وتخريب السلم الإجتماعي على حد تعبيراتهم الواهية وبداء مسلسل جديد من الملاحقات ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان بمصر لتشوية سمعة النشطاء والمنظمات التي كانت هي الدرع الواقي قبل وبعد الثورة من بطش نظام مبارك والعسكر فتلك المنظمات هي التي كانت تعمل بجهد وتفانى فى الكشف عن قضايا التعذيب بالسجون المصرية وهم أيضا من تحملوا الدفاع عن معتقلي إضراب المحلة 2008 وحين كنا نتعرض للملاحقة والقبض والإختطاف قبيل الثورة من قبل أجهزة الأمن القمعية (أمن الدولة ) كانت تلك المنظمات وحدها هي من تقف معنا ضد هذه الهجمات الشرسة من نظام كان يتهاوى ولا يقوى الإ على الضعفاء.
من هنا نتوقف أمام الأزمة الأخيرة وعلينا جميعا أن ندرك أن ماحدث مع المنظمات الأمريكية والعاملين بها ماهو الإ جزء مبسط من سيناريو الأقصاء المعتمد والمعد بعنايه فائقة من قبل العجوز الشمطاء "فايزة أبو النجا" التي تعد على رأس أسواء نموذج للمرأة المصرية على الإطلاق فتلك الوزيرة وما تقوم به من إخفاقات وحماقات سياسية لا تخدم بها الإ رجالات نظام المخلوع مبارك ورفقائه بسجن طره ، تلك المرأة التي أتعجب كثيرا كيف تقبل الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي التعامل معها من خلال منصبها كوزيرة للتعاون الدولي وهى فى الوقت ذاته من تعمل على إجهاد أهم مقومات الثورة المصرية وهى منظمات المجتمع المدني وحين أتحدث عن هذه المنظمات ليس بالضرورة يكون مقصود بها المعهدين الجمهوري والديمقراطي بل المنظمات المصرية التي تناضل ومازالت تناضل من أجل ترسيخ قيم ومبادىء حقوق الإنسان.
ما أحدثه المجلس العسكري وزبانيته من خلق روح معاديه ضد أي منظمة تعمل بمجال حقوق الإنسان ووصفها دوما بالعمالة للأمريكان وجلب الأموال من الخارج والعمل على تخريب الوطن ليس له أي معول سوى القضاء على من ناضلوا لسنوات ضد بطش وظلم مبارك ومن بعده حكم العسكر.
ليس المقصود من هذه الضجة الإ التأكيد على أن العسكر يقفون على مسافه بعيده جدا من الإدارة الأمريكية إن تمسكت إدارة أوباما بديمقراطيه حقيقة تقوم على قبول الجميع دون أقصاء أو إبعاد وهذا مالا يقبل به العسكر ليس من كون هذا تدخلا فى الشأن المصري لأن هذا الأمر محط سخرية لآن العسكر لا يعنيهم أي سيادة وطنيه وأصبح ردائهم العسكري ليس الإ زينه لا تحمل أي معاني من شرف العسكرية أو كونهم المدافعون عن الأوطان.
بل هم يدافعون عن قائدهم المخلوع ويعملون بكل جهد للحصول على أكبر مكاسب تضمن عدم ملاحقتهم فيما بعد بتهم وجرائم قد ترتقى إلى مرتبه الخيانة العظمى، وحين نرى عمل المنظمات الأمريكية بمصر قبل الثورة وبعدها لانجد أي فصيل مدنى أو يساري قد إستفاد من هذه التعاملات بقدر جماعة الأخوان المسلين ومن بعدهم حزب النور السلفي حسب التصريحات الرسمية التي خرجت عن هذين الفصيلين.
فالعسكر لا يرى أي ضمانه لخروجه وعدم ملاحقته الإ من خلال تسليم غير معلن للسطه لقوى إسلاميه معاديه فى ظاهرها للسياسات الأمريكية ولكنها فى حقيقة الأمر على أتم الإستعداد على التحالف والتعاون مع الشيطان ذاته من أجل مصالحهم الخاصة فقط.
والتدليل على ما قد سبق يطرح نفسه بقوة فى الإشكالية القانوينه الأخيرة المتعلقة بالإفراج والسماح بسفر العاملين بهذه المنظمات من مصر، وما صرح به البيت الأبيض من تعاون وثيق قد حدث بين البيت الأبيض والمجلس العسكري وجماعة الأخوان وهو ما نفاه الأخير معللا بأن الأمريكان يريدون تشويه صورتهم بعد النجاح الساحق فى إنتخابات المجالس النيابية الأخيرة.
فأن تورط القضاة فى إشكاليه تحمل غضب شعبي كثيف ناتج عن حشد موجه من قبل الإعلام الرسمي ضد هذه المنظمات وبعدها يعول على أن ماحدث ليس تدخلا فى أحكام القضاة ويعول على فساد بعضهم هو خلق جديد لعدو مصطنع يبعد الشبهه عن العسكر بعض الوقت ويكسر أهم ضمانه لدى المواطنين فى الحصول على حقوقهم وخاصة بعد تلك القضية خرجت بعض الأصوات المغاليه من التيارات الإسلامية التي كانت تستخدم العنف فى الماضي القريب إلى أن قضاة مصر ليسوا محل ثقه فى المراقبة على الإستفتاء على الدستور والإنتخابات الرئاسية القادمة بمصر ويجب أن يتم إستبدالهم بأئمة المساجد لأنهم أكثر عدلا ونزاهة.
هذا الطرح يدلل على سؤ نوايا العسكر وأنهم لن يسلموا السلطة بشكل ديمقراطي سليم بل سيعملون بكل قوة على هدم كل مقدرات الدولة ومؤسستها من أجل الحفاظ على سلامتهم وضمان عدم محاكمة مبارك وأعوانه.
فإن قضية التمويل من بدايته إلى نهايتها ليس لها أي علاقه بالمصالح المشتركة بين مصر أو أمريكا على مستوى الشعوب وإنما المصالح الضيقه بين القيادات فى تلك الدولتين ، وبناء عليه فلا ينبغى على الإدارة الأمريكية أن تتعاون معى هؤلاء بل وجب عليها إن كانت حقا تقف مع الشعوب والمهمشين والمستضعفين أن توقف التعاون مع هؤلاء السفاحيين وتعيد ترتيب الأوراق والرؤية الجيدة فى التعاملات مع قوى الإسلام السياسي بمصر.
فإن الذئاب لا ترعى الغنم بل تأكله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق